ما أشد أثر الخضرة لراحة العينين..
وما أجمل البحر وأثره على راحة النفس..
والتراب في تعقيم بدن الإنسان وجلده..
والهواء المنعش المشبع بالأوكسجين الطبيعي وأثره على نشاط الجسد، والماء النظيف وتأثيره على الإنسان..
والأطعمة التي لم تعبث بها يد الإنسان بشيء، وما زالت بنفس الطعم الرائع والرائحة الزكية كما خلقها الله عز وجل..
وألف لون ولون من ألوان الجمال والجلال..
فكيف نقضي على كل هذه الفائدة وكل هذا الجمال، لمجرد الإهمال وسوء التصرف..؟!
المعرفة بالطبيعة
الطبيعة لها قوانينها وأنظمتها فهي من إبداعات الخالق عز وجل ومظهر عظمته وجماله، وينظر إليها الإنسان كمحيط رائع يجد فيه كل ما يحتاجه بل أكثر فهي مصدر لـ:
طعامه وشرابه.. ملبسه وسترته.. مأواه ومسكنه.. راحته وسعادته.. عمله ومشاغله.. وكل حياته بكل تفاصيلها.
العلاقات بين الموجودات:
الطبيعة مكونة من الأحياء والجمادات:
• الأحياء هي الحيوانات والإنسان،
• والجمادات هي الرمال والأحجار والنباتات والسوائل والغازات.
بين هذه الموجودات علاقات دقيقة ومعقدة جداً، إذ أن جميع هذه الموجودات تتفاعل فيما بينها وتستفيد من بعضها البعض، فنحن نرى كيف أنَّ:
• المياه والرمال والرياح تؤثر في الصخور وفي بدن الإنسان.
• الإنسان والحيوان كل يأكل بعضه البعض وكلاهما يأكلان النباتات.
• الإنسان والحيوان والنبات جميعهم يتنشقوا الهواء ويشربوا السوائل.
• الإنسان والحيوان يتخذان من الرمال والأحجار مأوىً لهما.
ولا يمكننا أن نذكر كل هذه العلاقات بين الموجودات لكننا يمكننا ملاحظة أمر مهم جداً هو أن الإنسان نجده شريكاً في كل أحداث الطبيعة ويمكنه أن يتدخل في كل علاقاتها وأنظمتها.
النظام الدقيق:
ملايين المخلوقات ومليارات التفاصيل والدقائق التي تحويها، ما تظهر عجز الإنسان عن إحصائها ومعرفتها، فالله تعالى يقول: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ، إذ أن هذه الطبيعة تتمتع بمزايا رائعة فهي لا تنتج نفايات ولا تؤذ نفسها ولا تؤذ الإنسان إلا عندما يكون الإنسان جاهلاً بها أو غير ملتزم بقوانينها، فهي نظام فائدة لا حدود لها.
احترام أنظمة الطبيعة
عندما نعرف أن هذه الطبيعة قد وضعها الباري تعالى في غاية الدقة والجمال، فإنه يتحتم علينا أن نتعامل بالشكل الذي لا يؤثر فيها ولا يؤذها، فإن هذه الطبيعة حتى تبقى على جمالها ونظامها قد وضع لها الخالق عز وجل أنظمة في غاية الدقة والجمال أيضاً، لذا علينا مراعاة هذه الأنظمة كلما أردنا الاستفادة منها لأن الإنسان بإمكانه أن يفسدها ويعبث بها لأن جميع المخلوقات هي من أجل الإنسان لكن على الإنسان أن يعرف كيف يستغلها لصالحه.
من هنا نرى أن الموجودات موزعة كل عنصر في مكانه المناسب تبعاً لاحتياجاته واحتياجات المخلوقات الأخرى التي تحيط به والتي يكون بينها علاقات ومصالح مشتركة، لذا فإن أي تعديل في توزيع أي عنصر من المجموعة فإنه سيتعدى ذلك إلى تأثير على جميع العناصر المرتبطة أو المتأثرة به.
على هذا الأساس، يجب أن نبني تصرفاتنا تجاه الطبيعة طبق القواعد الموجودة فيها.
الاستفادة الصحيحة والسليمة من الطبيعة
لقد ذكرنا أن الطبيعة هي مصدر احتياجات الإنسان جميعها من نواحٍ كثيرة ومتعددة إن كانت المادية أو النفسية أو الجسدية ولهذا يمكننا اعتبار الطبيعة أساس في حياة الإنسان إذ أن بقاءه مرهون ببقائها، باعتبار أن مقومات بقاء وحياة الإنسان هي موجودات هذا المحيط الطبيعي الذي يلفه فقط لا غير وهذه هي الطبيعة.
فكيف يجب أن نستفيد من هذه الطبيعة؟
حري بنا أن نلتفت تمام الالتفات إلى أن هذه الطبيعة هي كما نحن، إحدى صنائع الخالق العظيم فكما أرسل لنا الأنبياء لنتعرف على أنفسنا وكيف نقضي هذا العمر وهذه الحياة بشكل سليم في هذه الدنيا، فإنه ذكر لنا في هذه التعاليم الحقوق الكثيرة لما حولنا من البشر والموجودات وكل شيء، إذ أن هناك الكثير من الإرشادات التي هي من أجل سلامتنا وسلامة الطبيعة على حد سواء. وكمثال على ذلك، فإن لحم الخنزير محرم لأن فيه سموماً تضر بالإنسان، كذلك فقدانه منم الطبيعة هو فقدان الحيوان الذي يخلصنا من القاذورات والأوساخ والتي يخرجها منه مواداً كيميائية ضرورية للطبيعة والتربة، وهذا ما هو إلى مثال من بين ملايين الأمثلة..
لهذا علينا أن نتعرف على هذه الإرشادات ونلتزم بها ونلتفت أن عدم استفادتنا الصحيحة من الطبيعة سيؤذيها وهذا الأذى سيعود علينا أيضاً لأن فيها جميع مواردنا.
دون ترك الأثر فيها
إن التأثير في الطبيعة هو التبديل والتغيير فيها بالشكل المضر لها ولنا. وهذا التأثير يتم حالياً في مجالات متعددة أهمها:
الهواء والغلاف الجوي، النفايات والمواد السامة، الزراعة والأراضي الزراعية، الطاقة، المياه العذبة، البحار، الضجيج، النمو السكاني والموارد الطبيعية، التنوع البيولوجي.
وفي هذه المجالات وغيرها هناك إحصاءات وأرقام تعتبر خيالية بالنسبة لنا وفيها تدل على مستوى التدهور والتلوث في موارد الطبيعة ومكوناتها النباتية والحيوانية والهواء، وما ذكرناه لكم.
المساهمة في تحسين البيئة وتخفيف التلوث
إن المبادرة إلى الحفاظ على البيئة والحد من ظاهرة التلوث المتفشية في جميع أصقاع العالم، واستصلاح ما أفسدته يد الإنسان من خلال التطور الذي يدعيه والعبث والاستفادة غير المدروسة من الطبيعة، لهو أمر واجب وفي غاية الأهمية، فهو حماية لنا ولأهلنا ولأولادنا من بعدنا الذين لهم حقوق علينا بما نورثه لهم، كما هو حالنا الآن بما اقترفه الآباء والأجداد السابقون، وكذلك المستعمرون الذين أرهقوا العالم بأسلحتهم التي تترك الدمار في الطبيعة وتلوث أينما حلت، نجتهد لنحصل على الماء العذب والخضار والفاكهة النظيفة والهواء النقي من المواد السامة.
فنحن لنا دور ضروري وأساسي في الحفاظ على هذه الطبيعة وعدم السماح لأحد بإلحاق الضرر بها وتوعية أهلنا على هذه الأمور وكشف مخاطر التلوث لجميع الناس، حتى تكون المواجهة للتلوث منطلقة من جميع الناس والمواطنين.