كاتب إسلامي متخصص بالبشارات الدالة على
النبي صلى الله عليه وسلم محمد في التوراة والإنجيل
كلما أهلَّ علينا شهر رجب تنسمنا ذكرى إسراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم معراجه إلى السماوات العُلى، وما أجمل أن نتكلم عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم في كتب أهل الكتاب ومخطوطاتهم خاصة في وقتنا هذا الذي تجرأ فيه سفهاء الغرب على مقامه الشريف وتطاولوا على دينه والكتاب الذي جاء به، وهم يجهلون أنه صلى الله عليه وسلم مذكور عندهم في كتبهم باسمه وحليته وصحبه ومعجزاته ذكرًا لا لبس فيه، في كتبهم القانونية ( المُتعبَّد بها ) وغير القانونية ( غير المعتمدة )، الظاهر منها والمخفي، المعروف منها والمخطوطات التي لم يطَّلع عليها إلا المتخصصون من علمائهم.
* والذي سنركز عليه في عملنا هذا هو معراج النبي عليه الصلاة والسلام، وذكر بعض كتب أهل الكتاب المخفية(1) لمعراج نبي آخر الزمان ذكرًا لا لبس فيه، وهو ما لا يدعيه النصارى للمسيح عيسى الآن وهو عندهم نبي آخر الزمان. وسنرى أن تفاصيل هذا الحادث في تلك الكتب لا تنطبق إلا مع ما ذكر في القرآن والسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نبدأ أولًا بذكر هذه المعجزة في القرآن والسنة:
* قال ربنا عز وجل عن حادث المعراج: { وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى } [ النجم 13: 15 ].
اتفق المفسرون على أن الآيات السابقة تتكلم عن معراج النبي صلى الله عليه وسلم ورؤيته لجبريل على هيئته الملائكية في السماء السابعة.
* روى البخاري في صحيحه عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ..... ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا، فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ: مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ: جِبْرِيلُ، قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ: مَعِيَ مُحَمَّدٌ، قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا، فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ..... ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ..... ثُمَّ عَلَا بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، وَدَنَا لِلْجَبَّارِ رَبِّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى، حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ خَمْسِينَ صَلَاةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ... )).
* وقد ذكر في التوراة الحالية، في جملة ما ذكر عن صفات نبي آخر الزمان، أنه سيصعد إلى السماء ويلتقي بالله عز وجل، وذلك ورد في فقرتين:
1- " ورأيت في رؤى الليل فإذا بمثل ابن البشر ( النبي المنتظر ) آتيًا على سحاب السماء فبلغ إلى القديم الأيام ( الله تعالى ) وقُرِّب إلى أمامه، وأوتي سلطانًا ومجدًا وملكًا فجميع الشعوب والأمم والألسنة يعبدونه ( يعظمونه ) وسلطانه سلطان أبدي لا يزول ملكه ولا ينقرض " ( التوراة- دانيال 7: 13-14 ).
* هذه الفقرة يفسرها النصارى على أنها مسير رمزي لناسوت المسيح عيسى – حسب اعتقادهم – في مراحل هذه الحياة حتى استقر في السماء كإله ! وهو في نظرهم نبي آخر الزمان في مرحلة الناسوت هذه ؛ لذلك كان مفسر طبعة دار المشرق للكتاب المقدس حريصًا حين قال عن هذا المعراج " مسير رمزي " ولم يدَّعِ مطلقًا معراجًا للمسيح عيسى وهو عندهم نبي آخر الزمان كذلك.
لكن الأناجيل لا تذكر شيئًا عن هذه المرحلة المزعومة مما يهدم تفسيرهم هذا، بل إن قوله في هذه الفقرة أن النبي المنتظر صاحب هذه النبوءة سيقرّب من الرب يذكرنا بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث عن معراجه الذي ذكرناه آنفًا: ((... وَدَنَا لِلْجَبَّارِ رَبِّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى، حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى... )).
2- " غنوا لله، رنموا لاسمه، أعدوا طريقًا للراكب في القفار ( البراري ) {السحاب} " السماء" باسمه ياه واهتفوا أمامه، أبو اليتامى وقاضي الأرامل الله في مسكن قدسه " ( التوراة – المزامير 68: 4-5 ).
= يلاحظ أن كلمة القفار قد وردت مختلفة تمامًا في الطبعات المختلفة، حيث نجدها في الطبعة الإنجليزية rsv سحاب، وفي طبعة king james السماء ( heavens ) وفي طبعة دار المشرق – بيروت " البراري "، ومن خبرتنا مع التوراة الحالية نفهم من ذلك أن هناك لبسًا في معنى الكلمة.
هذا الخلط في الترجمة يرجع إلى أن الأصل العبري للكلمة هو " عرفات " وهي تعني حرفـيًّا الصعود إلى السماء، إلا أنها كذلك عند اليهود تعني السماء السابعة، (علمنا ذلك من كتاب "البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم في التوراة " للأستاذ / عصام رشاد ).
لا ندرك لماذا لم تترك الكلمة كما هي في الترجمات لمنع هذا الخلاف الشديد في الترجمة، خاصةً أن الأسماء لا تترجم.
إلا أنها تعني مباشرة المكان المقدس عند المسلمين الذي يقفون فيه قُرب مكة في حجهم، ومن هو النبي المنتظر الراكب فوق هذا المكان ( عرفات ) ؟
من هو أبو اليتامى وقاضي الأرامل كما تقول بقية النبوءة عن نبي آخر الزمان ؟
إنه النبي محمد صلى الله عليه وسلم صاحب المعراج والراكب على عرفات، أبو اليتامى وقاضي الأرامل.
- أما كونه أبو اليتامى فنجد في الكتاب الذي جاء به ( القرآن ) – لا في غيره – الآتي:
{ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } [ الأنعام: 152 ].
{ كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ } [ الفجر ].
{ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ } [ الضحى: 9 ].
{ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ } [ الماعون ].
{ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } [ الإنسان: 8 ].
{ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ } [ البلد ].
وهكذا في أكثر من عشرين موضعًا في القرآن الكريم.
- وأما كونه صلى الله عليه وسلم قاضي الأرامل، فهو بالفعل منصفهم، يكفي أن نقرأ في التوراة كيف تورَّث أرملة الأخ المتوفى لأخيه " إذا أقام أخوان معًا ثم مات أحدهما وليس له عقب فلا يجب أن تتزوج زوجة الميت رجلًا أجنبيًّا، بل أخوه يدخل عليها ويتخذها زوجة له ويقيم عقبًا لأخيه ". ( تثنية 25: 5 ) كذلك كان الحال عند العرب في الجاهلية، أما الأرملة النصرانية فتستحب لها ملتها ألا تتزوج بعد زوجها المتوفى، كما قال بولس الرسول.
الحال في ملة محمد صلى الله عليه وسلم قاضي الأرامل يختلف تمامًا، فنقرأ في القرآن، الوصية بالأرامل: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [ البقرة: 234 ].
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا } [ النساء: 19 ].
{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [ البقرة: 240 ].
[ ها هي ذي الأرملة الآن وقد صبحها الله بالإسلام، فانتهت عصور الظلام الرهيبة التي مرت عليها إلى غير رجعة، الأرملة لا تورث، وعدة الأرملة أربعة أشهرٍ وعشر ليالٍ ليس لإظهار الحزن ولكن لاستبراء الرحم فقط، ولا يحق لأحد أن يُخرج الأرملة من بيتها قبل انقضاء عام كامل مضمونة لها فيه معيشتها وإقامتها من إرث زوجها المتوفى بالإضافة إلى ميراثها الشرعي منه، والأرملة حرة من قبل ومن بعد، بمجرد انقضاء عدتها أن تفعل بنفسها ما تشاء في حدود شرع الله ](2) وهي كذلك تستشار حتى في أمر فطام الولد.
* هذا ما وجدناه في الكتب القانونية " التوراة الحالية " أما المخطوطات الحديثة والكتب المخفية عند النصارى APOCRYPHA، فقد وجدنا فيها نصًّا قاطعًا يتكلم عن معراجٍ لنبي آخر الزمان يتطابق مع معراج النبي صلى الله عليه وسلم وهو ذكر النبي إشعياء في سفره " إسراء إشعياء ": " ورأيت كيف صعد ( "المسيا" وهو نبي آخر الزمان عند أهل الكتاب ) إلى السماء السابعة، فيما كل الصديقين والملائكة يمجدونه حينئذٍ رأيته يجلس عن يمين المسجد الأعظم " (3).
من هو النبي الذي عُرج به حتى السماء السابعة، أليس هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؟!