لأزهار من أجمل الأجزاء النباتية، وهي عضو التكاثر الجنسي في النباتات الزهرية، ووسيلتها لإنتاج الثمار والبذور. والزهرة علميا هي ساق نباتية تقاربت عقدها (Nodes) وسلامياتها (Internodes) وتحورت أوراقها للقيام بعملية التكاثر الجنسي في النباتات الزهرية. وتتكون الزهرة على العموم من محيطات زهرية هي الكأس (Calyx)، والتويج (Corolla) والطلع (Andrecium) والمتاع (Gynoecium).
وما يهمنا في هذا المقام هو الطلع لأنه عضو التذكير الذي ينتج حبوب اللقاح، والمتاع وهو عضو التأنيث الذي ينتج البويضات المؤنثة. تنتقل حبوب اللقاح (Pollen Grain) من عضو التذكير إلى عضو التأنيث بطرائق عدة أهمها الهواء والحيوان (وبخاصة الحشرات)، والإنسان والماء. ويتكون عضو التأنيث (Carpel) من قمة تسمى الميسم (Stigma)، وقلم (Style) ومبيض (Ovary). عندما تصل حبة اللقاح إلى الميسم تتم عملية التلقيح (Pollination)، وعندما تسقط حبة اللقاح على الميسم المناسب تبدأ حبة اللقاح في الإنبات (كما تنبت الحبوب والبذور) وتخرج منها أنبوبة لقاح (Pollen tube) تنتقل إليها أنوية حبوب اللقاح، وتأخذ أنبوبة اللقاح طريقها وسط أنسجة القلم وعند وصولها إلى فتحة الأغلفة الجنينية المسماة بالنقير، تجذبها البويضة بمادة جاذبة، ويتمزق طرف أنبوبة اللقاح وتفرغ محتوياتها من سيتوبلازم وأنوية داخل الكيس الجنيني ثم تخترق إحدى النواتين الذكريتين البويضة المؤنثة وتتحد معها لتكون اللاقحة (Zygot).
وبإتمام هذه العملية تتم عملية الإخصاب (Ferilization)، ويتبع عملية الإخصاب عمليات طويلة معقدة ومعجزة تبدأ بتكوين الجنين (Zygot) .
وبإتمام عملية الإخصاب يطرأ على الكيس الجنيني تغيرات تؤدي إلى تكوين البذور ويتبع ذلك تضخم المبيض، وقد تتعدى التغيرات في المبيض إلى الأجزاء الأخرى في الزهرة وينتج عن ذلك تكوين الثمرة (Fruits)(كما جاء في كتاب النبات العام، أحمد مجاهد وآخرون ص/627). وعند تكوين الثمار تأخذ السبلات والبتلات عادة في الذبول وتسقط. والإعجاز العلمي في عملية الإخصاب أن آلاف حبوب اللقاح من مختلف الأجناس والأنواع والأصناف النباتية تنتقل إلى الميسم وبعضها ينبت، وبعضها يدخل أنبوبة اللقاح إلى بداية القلم ولا يستطيع أن يكمل المشوار، وبعضها يصل إلى نهاية الأنبوبة ويفشل في الدخول إلى المبيض، ولا يدخل إلى البويضة ويخصبها إلا حبة لقاح من نفس الجنس ونفس النوع والصنف. وقد ثبت علميا أن هناك توافقا وراثيا جينيا وكيماويا حيويا، ونسيجيا تشريحيا بين حبة اللقاح القابلة للتخصيب والخصائص الوراثية والكيماوية الحيوية والنسيجية للمبيض القابل للتخصيب بالأنوية الذكرية لحبة اللقاح.
ومن دون هذه الخصائص الحيوية المعجزة تختلط الأنساب وتفسد الأجناس والأنواع والأصناف , ويتعذر علينا الحصول على ثمار القمح أو الذرة أو الشعير المسماة بالحبوب , ويتعذر علينا الحصول على التفاح والكمثرى والبرقوق والمانجو وباقي الثمار ولكن شاء الله تعالى بقدرته وحكمته وعلمه ورحمته وعظمته أن يحفظ على هذه الأنواع والأجناس والأصناف خصائصها المميزة. فحبوب لقاح نبات البرقوق مثلا لا تكمل مشوار التلقيح إلى أن تصل إلى مبايض نبات المشمش لتخصبها رغم أنها من فصيلة واحدة و رتبة واحدة، إنه الإعجاز في الخلق، والإعجاز في النباتات الزهرية، والإعجاز في التلقيح والإخصاب فيها. فمن قدر هذا؟! ومن هيأ هذا؟! ومن حفظ لكل نبات جنسه ونوعه وصنفه ؟!
هذا كما قال تعالى: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى{50}) (طه/50)، أي أعطى كل مخلوق وكل نبات هيأته اللائقة بحياته والحفاظ عليها واستمرارها، ثم هداه لما يحفظ عليه ذلك، وهذا ما فصلناه في موضوع (ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) في كتابنا آيات معجزات من القرآن الكريم وعالم النبات (ص/135).
الذين يتصورون ويتخيلون ويعتقدون أن النباتات الزهرية قد خلقت بالمصادفة والعشوائية، وتطورت بالانتخاب الطبيعي والطفرة خاطئون يجهلون الأساس العلمي لبناء الحياة الحيوية خاصة في تلقيح وإخصاب النباتات الزهرية، وهذا ما أوضحناه في كتابنا معجزات حيوية علمية ميسرة (2008م).
إن التوافق الجيني ، والتوافق الكيمياوي الحيوي، والتوافق النسيجي في النباتات الزهرية بين الأجناس والأنواع والأصناف والعائلات والرتب يدلل دلالة علمية قاطعة على أن كل شيء خلق بقدر معلوم ولغاية مقدرة، وبحكمة بالغة وبعلم اللطيف الخبير سبحانه وتعالى صاحب الخلق والأمر رب كل شيء ومليكه.