الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
شهر رمضان شهر الخير والبركات ، وهو بمثابة مدرسة لتربية الأجيال الناشئة على حب الطاعات. فيتعلم المسلم جملة من العِبر والدروس النافعة ، منها تحمّل مشقة الصيام طوال شهر كامل ، وبذل وعطاء للأهل و الارحام ، وإحسان وبِر للفقراء و أصحاب الحاجة ، واجتهاد في الطاعات منها قيام الليل وصلاة التراويح وإحياء ليلة القدر وغيرها العديد من الطاعات .
والصيام مدرسة ليس للكبار البالغين فقط ، بل وللصغار أيضا متى عرف الوالدان سبل الاستفادة من هذا الشهر الكريم واستغلاله لأجل تحقيق الفوائد العظمى المنشودة .
وهذا الشهر الكريم فرصة سانحة للأم ، لأنها تقضي معظم وقتها مع أطفالها ، وذلك بأن لها الجهد الكبير في تربيتهم وتوجيههم وتشجيعهم على أداء العبادات ... حتى إذا انقضى الشهر الكريم رأت أثره الطيب على أولادها وعلى سلوكهم .
فإيقاظ الأطفال لتناول السحور يُشعرهم بالسعادة ، وهو نوع من تغيير العادة بالنسبة إليهم ، وكذلك صلاة الفجر جماعة مع الأهل فيها ترسيخٌ لصلاة ِالجماعة ،وترك النوم عند الفجر ، والتعودِ على الاستيقاظ المبكر .
وكذلك اهتمام الأهل بإعطاء الولد الطعام والذهاب به الى المسجد ، لإعطائه للفقراء فيشعر بأهمية الصدقة ، وتفطير الصائمين الفقراء فيتربى على حب الخير والعطاء وعلى التعاطف مع إخوانه المسامين في رمضان وغيره من الشهور ، فإحساس الطفل بالجوع يعلمه التعاطف مع الفقراء الذين لا يجدون ما يسد جوعهم .
وينبغي للأهل غرس المفاهيم العامة للصوم في نفس الطفل ، وشرح معنى الأجر والثواب ، فيحس بالحماس لأداء هذه الفريضة ويقدر معنى زكاة الفطر وأهميتها للفقير .
كذلك ينبغي على الأب تعويد الطفل مشاركته في المشي إلى المسجد لحضور مجالس العلم وأداء الصلوات ، والاعتكاف فيه ، فيكون بذلك معلما لهم وقدوة صالحة يقلدونه في أقواله وأفعاله .
ولتحرص الأم على السماح لأطفالها بمساعدتها في إعداد الطعام فهذا يفرحهم ويشغل وقتهم ويعلمهم العمل الجماعي .
وليكن علم سلفنا الصالح قدوة لنا ، فهذه الربيع بنت معوذ – إحدى الصحابيات – تقول : ( إنه لما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء كنا نصومه ونصوّم صبياننا حتى إذا بكى على الطعام نعطيه اللعبة من العِهن (القطن) حتى يكون الإفطار ).
وهكذا يعتاد الطفل تدريجيا على الصوم ويتعلق به في سن مبكرة.
وللجد والجدة دور حيث يرويان للصغار السيرة النبوية وقصص الأنبياء ، وسيرة أبطال الصحابة كعلي بن أبي طالب، وخالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح وغيرهم. وهذه القصص تزرع في نفوس الصغار المبادئ العظيمة والأخلاق الكريمة والشجاعة والتضحية والإيثار وحب الصبر.
يقول الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان منا
على ما كان عوده أبوه
وشهر رمضان مناسبة عظيمة لتعليم الصغار قراءة القرءان وحفظه، ورصد الجوائز تشجيعا لهم.
وهكذا يستعشر الأهل بعظمة الخالق وحقه على عباده، وبهذا نغرس في نفس الولد مخافة الله وهذه حقيقة التقوى، ويتعلم كسر نفسه بالابتعاد عن الملذات من مأكل ومشرب.
فرمضان فرصة عظيمة لتعليم أولادنا حب الخير